الأربعاء، 21 مارس 2012

المتنبي في ضوء الدراما



من الكتبِ الأخيرة للكاتب والشاعر ممدوح عدوان والتي ألَّفها قبل رحيله كتاب "المتنبي في ضوء الدراما". وهذا الكتاب هو رصد لحياة المتنبي من ناحية درامية أرادها المؤلف وهو في طور كتابة نص درامي تلفزيوني عن هذا الشاعر الكبير، لذا فإنك عند قراءة هذا الكتاب ستجد أن ممدوح عدوان قدّم استنتاجات وتأويلات وتخريجات لبعض المواقف الشهيرة في حياة المتنبي، وذهب إلى وضع ما يراه مناسبا أو ما يقتضي المشهد حينها.

على سبيل المثال، القصيدة الشهيرة التي قُتِلَ بسببها المتنبي (ما أنصف القوم ضبّه)، تحدث عنها المؤلف وذهب إلى أنها ليست للمتنبي بل لأعدائه الذين كانوا يحسدونه، وأن المتنبي في تاريخه الشعري ورغم تناوله لغرض الهجاء لم يتناول في غرضه هذا ذكرا لما يُسْتَقبح من الأعضاء، ثم إن المتنبي على علوّ شاعريته لا يمكن أن يأتي بنص هو غاية في الركاكة كهذا. ومن الأمور التي وقف عليها المؤلف أيضا سبب عدم ذكر المتنبي لأبيه في شعره، وقدّم تحليلا لذلك.

لقد ذهب ممدوح عدوان بعيدا في افتراضاته وتخيلاته حيث أنه صاغ كل تلك الافتراضات أحيانا على هيئة حوار مسرحي، بين المتنبي وابنه المحسّد، والمتنبي وسيف الدولة، والمتنبي وخولة أخت سيف الدولة. ومن خلال هذه المشاهد المسرحية أوضح ما يجول في دواخل شاعرنا الكبير، وكأن ممدوح عدوان في قراءته هذه يُخْرِجُ ما بداخل شاعر العربية الأول، ويبرز الكثير من الأمور التي لا تزال غامضة في حياته، ويدعو إلى قراءة مغايرة وجديدة لنصوص الشاعر.

لقد أعجبتني كثيرا بعض التأويلات والتخريجات لنصوص المتنبي، كـ"كيف تكتب القصيدة عند المتنبي"؛ فهي تدل على القراءة الواعية التي قام بها ممدوح عدوان، ولا ريب في ذلك، فممدوح من الكُتّاب الرائعين سواء على صعيدي الشعر والنثر وحتى على صعيد المسرح والفن، وهو الذي كان يقرأ فترات طويلة من يومه، بل إن أغلب يومه يمضيه في القراءة والكتابة.

هذا الكتاب رغم جماليات حروفه فإن ما ينقصه هو توثيق بعض الشواهد التي أتى بها المؤلف. فمثلا يتحدث عن مسألة شكل وهيئة المتنبي واستشهد لذلك ببيت للمتنبي:
كفى بجسمي نحولا أنني رجل..
لولا مخاطبتي إياك لم ترني

إلا أنه يرى أن ذلك غير مطابق لهيئة المتنبي، فقد أتى بوصف للمتنبي يخالف ذلك ولكن دون أن يحيلنا إلى المرجع الذي استقى منه الرأي. يقول:

(بينما صادفت وصفا وحيدا لشكل المتنبي. وكان كما يلي:
"كان رجلا ملء العين.. قويا بدينا خليقا شخيصا عادي الخَلق قوي الأساطين وثيق الأركان جيد الفصوص فيه جفاء وخشونة".)

الكتاب في مجمله رؤية جديدة لمسيرة الشاعر الكبير الذي ملأ الآفاق وشغل الناس، رؤية درامية، وفلسفة خاصة بشاعر يقرأ  في تجربة شاعر.



الكتاب: المتنبي في ضوء الدراما "دراسة واجتهادات"
المؤلف: ممدوح عدوان
الناشر: دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع
           دمشق
           الطبعة الأولى 2010م

الاثنين، 12 مارس 2012

روااااااااااااااااائح 3



وصلني اليوم على الواتس أب رسالة تقول: (اليوم وأنا ذاهب لصلاة الفجر، أصابني غثيان من شدة رائحة السموم المنبعثة من ميناء صحار، قررت العودة والصلاة في البيت؛ كأخي الذي أخذ يتقيؤ من قذارة الرائحة؛ وأبقيناه لتعالج أنفه ما تسرب في الغرفة من سموم...)

لستُ وحدي إذن من كان مستاء من تلك الروااااائح الكريهة، ولستُ وحدي كما أظن من لم يستطع التنفس وهو متجه إلى الصلاة وكان يضع يده على أنفه... إلى أي حال نصل مع روائح كهذه ... وإلى متى .. الله المستعان.


كتب الدكتور طالب المعمري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية لوى على صفحة الفيسبوك بتاريخ 23/ فبراير نقاط اجتماع أوربك للقضاء على التلوث وجاء فيه:

"تفاصيل اجتماع أروبك لمحاولة القضاء على التلوث
تم الاتفاق على النقاط الآتية:
القضاء على التلوث الصادر من المصفاة قبل انتهاء عام 2012 بالقيام بالإصلاحات الآتية:


1. معالحة مياه الصرف مصدر الروائح بتغطيتها وحرق الغازات الصادرة عنها بتكلفة وقدرها 5،3مليون دولار

2. معالجة انبعاثات الشعلة بتكلفة وقدرها 2مليون دولار
 3. خفص إنبعاثات أكاسيد الكبريت بتكلفة وقدرها 11 مليون
4. برنامج رصد تسرب الغازات ومعالجتها بتكلفة وقدرها مليون دولار
5. إدارة المخلفات سيتم التخلص من المخلفات باستخدامها في صناعات تحويلية كالإسمنت وتصدير بعضها للخارج والتعاقد مع الشركات المصدرة لمادة التكلست بإعادتها مرة اخرى للمصدر في العقود المقبلة


وسوف نتابع ذلك كله مع الوزارات المعنية ومع أوربك للتخفيف من معاناة المواطنين والله الموفق."


ونحن بدورنا سنراقب ما ستقوم به أوربك، وما سيتحقق على أرض الواقع. الوضع يسوء كل يوم، والمتضرر هو نحن على هذه الأرض....

الأربعاء، 7 مارس 2012

دور النشر العمانية تعترض


استمعتُ الخميس الماضي عبر برنامج "خير جليس" بإذاعة سلطنة عمان والذي يُبثُّ من معرض مسقط الدولي للكتاب لهذا العام، إلى هموم وشكاوى دُور النشر العمانية حول ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من عمليات شراء للكتب منهم، وحسب ما فهمته من سياق الكلام فإن هذه الدُّور تشكو من موقف الوزارة في عمليات الشراء؛ حيث أنها -والكلام لهم- تقوم بشراء كميات قليلة من دور النشر العمانية بعد جدال شديد حول أسعار الكتاب، أما مع بقية الدور العربية فتقوم بشراء الكميات الأكبر وبالأسعار التي تحددها تلك الدُّور.

جاء مجمل الحديث حول إمكانية المعاملة بالمِثْلِ مع تلك الدُور لا سيما أن دُور النشر المحلية لديها إصدارات جديدة، وكتب لها قيمتها في مختلف المجالات، وهذه الكتب في أغلبها يتعلق بالدراسات التربوية والعلمية التي تخدم الطالب في المراحل التعليمية المختلفة. بالطبع لقد استمعتُ لأصحاب هذه الدُور والحديث الذي عبَّروا عنه، وبصراحة كان رأيي: أنهم على حق، فلمَ تتم المعاملة بتلك الطريقة طالما أن الكتاب له أثره العلمي في خدمة الميدان التربوي، إلا إذا كانت الوزارة لا ترى في هذه الكتب فائدة، عندها نقول فلمَ تقوم بعملية الشراء أصلا ولو كانت لأعداد بسيطة، إذ ما حاجة الميدان لكتب لا قيمة لها....

موضوعي ليس هنا... بالأمس كنت في معرض الكتاب ومررتُ على إحدى دور النشر التي كان صاحبها يتحدث عن تعامل الوزارة مع داره، وسألتُ عن كتابين لمؤلف عماني قام بطباعتهما مع هذه الدار منذ 2011، وأعتقد منذ بداية ذلك العام، فرد الموظف أنهما غير موجودين وربما خلال اليومين القادمين سيصلان لأن بعض الكتب لا تزال بالمطبعة!!!

وهنا جاء التساؤل: إذا كان الكتابان لم يصلا منذ 2011 إلى الآن فهل سيصلان في يومين؟؟ وما الفائدة لصاحب الدار أن ياتي بالكتابين في آخر يومين ونحن نعلم أن زوار المعرض توافدوا على المعرض خلال الأيام الماضية بما نسبته 90% وبقيت العشرة الباقية لليومين الأخيرين؟

صاحب الكتابين عندما علم أن إصداراته غير موجودة بالمعرض غضب غضبا شديدا، واستاء من موقف الدار التي كان يشجع بالطباعة فيها لسمعتها في عمان، لا سيما أن صاحبها وبالاتصالات معه كان يؤكد على طبع الكتب تزامنا مع المعرض، وفي أحيان أخرى لا يرد على اتصالات المؤلف.


التساؤل هنا: عندما يتحدث أصحاب دور النشر العمانية عن المعاملة بالمثل، لماذا لا يطبقون مثل هذه القاعدة على أنفسهم، ألا يدري هؤلاء أن دور النشر العربية تقوم بطباعة الإصدار قبل شهرين من المعرض، وهذا ما حصل معي في إصداري الثاني، وهذا ما أخبرني به أحد أصحاب هذه الدور فيما لو أردت مستقبلا الطباعة معه، فيما يقومون هم بطباعته في أضعاف أضعاف هذا التوقيت. وعندما يتحدثون عن تلك المعاملة هل قاموا بتطبيق معايير الجودة على دورهم؟ هل خدماتهم ترضي المؤلف والكاتب الجيد وتدفعه للبحث عنهم وبالتالي هذا ما يدفع المؤسسات الرسمية لاقتناء الكتب الأفضل؟ أم أن المسألة برمتها مسألة مادية بحتة، والضحية في النهاية ليس المؤسسة والدار بل المؤلف والقارئ؟ كل تلك تساؤلات على دور النشر العمانية بحثها جيدا ودراستها وإنشاء قاعدة استبانات مكثفة للوصول لنتائج تعالج هذا الموقف، ومن بعدها لنطرحْ اعتراضنا كيفما شئنا.....

السبت، 11 فبراير 2012

خالتي صفية والدير




"واحةُ الغروبِ" كانَت أول روايةٍ أقرأُ سطورَها للروائي المصريّ "بهاء طاهر"، أذكرُ أنني شرعْتُ في قراءتِها في القطارِ من الإسكندرية إلى القاهرة، قرأتُ بدايتها حتى غلبني النوم. كانت تلك الرواية حائزة على جائزة البوكر العربية للرواية لعام 2008، كما كانت الدافع للبحث عن أعمال بهاء طاهر؛ فقد قمتُ في معرض الشارقة للكتاب 2008م باقتناء روايات الكاتب والتي من بينها رواية "خالتي صفية والدير".

لم يتسنَّ لي قراءةُ الرواية لتزاحم الكتب في مكتبتي، لكن قررتُ مؤخرا قراءتها. إنَّ رواية "خالتي صفية والدير" تشكل في طيّاتها احتفاء كبيرا بالمكان، ودوره في احتواء الشخصيات وتحرك الأحداث. ويمكننا القول أن رواية "واحة الغروب" التي جاءت فيما بعد هي أيضا قائمة على الاحتفاء بالمكان المصري على وجه الخصوص، وكأن بهاء طاهر يعتمد في الروايتين على ترجمة المكان وتشكيله التشكيل الأمثل بما يخدم العمل الروائي؛ فواحة سيوة في واحة الغروب ودير منطقة الأقصر في خالتي صفية والدير لعبا دورا كبيرا في خارطة الأحداث. فنجد الدير الذي بدأ الراوي بالحديث عنه في بداية الرواية والذهاب إليه كل عيد حاملا معه علبة الكعك هو معلمٌ من معالم تلك البلدة الصغيرة، فهو معلم مقدَّسٌ كما سيأتي في آخر الرواية حيث يمنع دخول السلاح إليه لأنه مكان عبادةٌ، وذلك كله في علاقة قائمة بين المسلمين والمسيحيين.

تتصاعد أحداث الرواية بعد زواج "صفية" من "البيك" لاسيما بعد أن يأتي الخبر بأنَّ صفية حامل، حيث تبدأ الأحداث بالانتقال من علاقة ودٍ وحب إلى علاقة كراهية تجاه "حربي" الذي يشير الراوي إلى أن صفية كانت تُحبُّ حربي هذا وتتمنى الزواج منه، إلا أن حربي فاجأها عندما أتى بالبيك لخطبتها، تنتقل العلاقة هنا بسبب أن أحدهم حكى أن حربي يريد أن يقتل "حسان" ابن البيك وصفية القادم. فتتشكل أحداث الرواية هنا وتتوزع بين القصر والمزرعة وبيت الوالد. تتسارع الأحداث إثر مقتل البيك على يد حربي دفاعا عن نفسه، وتقرر صفية أن تأخذ بثأر البيك من حربي رغم دخوله السجن، حيث ظلت تنتظر خروجه لسنوات. تعود الأحداث إلى الدير من جديد عندما أُدْخِلَ حربي فيه حفاظا عليه من القتل على يد صفية، وتتسع دائرة الأحداث في المكان "الدير" إلى أن يأتي الخبر بموت حربي بعد أن هدّه المرض، هذا الخبر كان بمثابة الصاعقة على صفية التي دخلت دائرة المرض هي الأخرى وانتابتها الغيبوبة، فقد كانت تتمنى أن تأخذ ثأر زوجها بيدها، ولكنها أباحت بما كانت تُكِنّهُ داخلها تجاه حربي في لحظاتها الأخيرة حين تقول: "..ولكن إن كان حربي يطلب يدي فقل للبيك إني موافقة.. أنت وكيلي يا والدي.. وأنا موافقة على أي مهر يدفعه حربي.. لا تشغل بالك بالمهر.."

إن الاشتغال على المكان ظاهر في الرواية، فقد قدم المكان تساؤلاته وحرّكَ أحداث الرواية لنهايتها، وأبرز ملامحه وثقافته العالية كل ذلك نجده في سطور هذا العمل.


خالتي صفية والدير
بهاء طاهر
بيروت: دار الآداب
الطبعة الثانية 2007م

السبت، 4 فبراير 2012

إِطْلالَـــةٌ


لا أُرِيدُ أَنْ أُغْمِضَ عَيْنَيَّ هَذا اليومَ، فَمُنْذُ أبْصَرَتَا النُّورَ هذا الصَّبَاحَ رَفْرَفَ النَّومُ بَعِيداً عَنْهُما. إِنَّهُما أَكْثَرُ تَعَلُّقاً بِاليَقَظَةِ مِنْ أَيِّ يَوْمٍ آخَر، وَأَنَا فِيْ دَاخِلِيْ لا أُرِيدُ لَهُمَا أَنْ يَنَامَا، فَأَكْثَرُ مَا يُقَدِّمُهُ النَّوْمُ خَيَالاتٍ تَتَحَرَّكُ أَمَامَهُمَا، أَمَّا أَنَا فَسَأَدَعُهُمَا يَرَيَانِ الحَيَاةَ، الابْتِسَامَةَ، الحُبَّ، الأَمَلَ وَالتَّفَاؤُلَ.


كَثِيرَاً مَا كَانَتْ تُحَلِّقُ الطُّيُورُ فِيْ الصَّبَاحِ، وَأَنَا أَسْتَمِعُ إِلَى أُغْنِيَاتِهَا الرَّائِعَةِ، أَمَّا اليَوْمَ فَقَدْ جَلَسَتِ الطُّيُورُ تَسْتَمِعُ إِلَى أُغْنِيَاتِيْ وَأَلْحَانِيْ عَلَى سُلَّمِ الصَّبَاحِ الدَّافِيِء.


الفَجْرُ كانَ مُخْتَلِفَاً هَذَا اليَوْمَ، تَعَرَّفَ إِلَيَّ بِسُرْعَةٍ وَأَطْلَقَ لِنَفْسِهِ العَنَانَ فِيْ مُحَاوَرَتِيْ. بِشَارَاتُ الفَجْرِ كَانَتْ صَادِقَةً، انْطَلَقَتْ مَعَها الدُّمُوعُ وَالابْتِسَامَاتُ.


(هَذَا تَأْوِيْلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ، قَدْ جَعَلَهَا رَبِّيْ حَقَّاً)... فَلِلَّهِ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ.


لا يُوْجَدُ مِثْلِيْ عَاشِقٌ لِمَنْ يُحِبُّ، أَمَّا هَذَا الصَّبَاحُ فَالعِشْقُ مُخْتَلِفٌ، وَالحُبُّ مُخْتَلِفٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُخْتَلِفٌ. كَمِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَكْتُبَ قَصِيْدَةَ حُبٍّ فِيْ عَيْنَيْهَا وَلَكِنْ كَيْفَ أَضُمُّ قَصِيْدَةً وَدِيْوَانُهَا الجَمِيْلُ مُمْتَلِئٌ بِالشِّعْرِ وَبِالزُّهُوْرِ!!... سَأَصْمُتُ وَأَكْتَفِيْ بِنِدَاءِ العُيُونِ.

الجمعة، 27 يناير 2012

مبادرة (مدينتي تقرأ)


شاركتُ الأربعاء الماضي في أمسية شعرية بولاية الرستاق نظَّمتْها جماعة خاصة بالولاية تعمل على تبنّي مشروع القراءة تحت اسم (مدينتي تقرأ). هذا المشروع هو استمرارٌ لسنة ثانية حافلة بالقراءة في الولاية.

أُعْجِبْتُ كثيرا بهذه المبادرة؛ فالقراءة المصباح المنير في عالم انطمستْ فيه كل معالم الرؤية، في عالمٍ طغت فيه المغريات الإلكترونية حتى عملت على شللٍ كاملٍ لعقولنا. العالمُ بأسرهِ -إلا القليل- صاروا يهتمون بالقراءة والكتاب. هذه المبادرة أعادت شيئا من الروح في العقول، العقول التي تغشّاها الصدأ، كم أعجبتُ بالاهتمام بالكتاب، وما أجمل أن تذهب إلى المستشفى أو صالون الحلاقة وفي لحظة الانتظار تجد أمامك مكتبة صغيرة تضم مختلف الكتب، لتمدَّ يديك وتتصفح كتابا، إنها لحظة تمر دون أن نحس بها، تسرق منا الكثير من الوقت، لحظات تضيع هدرا.

لقد ذكرتني هذه المبادرة بلحظات سابقة لي، وأنا أذهب لمراجعة المستشفى أو أي مكان أجلس فيه منتظرا، كنت أجلس أحدِّق في وجوه المارين، وبعد أن قررت أن أحمل كتابا معي صارت اللحظات تسرقني ولا أحسُّ بالوقت وهو يمضي، في البداية كنتُ أخجل أن أحمل معي كتابا فالكل كان ينظر إلي، لكن الآن صار الأمر معتادا، والكتاب في يدي، وسرعان ما أندمج مع أوراقه وفصوله، صرتُ أنهي كتبا كثيرة وأقرأ بصورة مستمرة.

أحيي الزملاء القائمين على هذه المبادرة، أحييهم على رغبتهم الكبيرة في تنمية القدرات العقلية للفرد، فالقراءة تعمل على تنشيط الذاكرة وتنمية قدراتها. فألف شكر لهم على هذه المبادرة الجميلة.. وأرجو أن تستمر مبادرتهم وتنمو وتزدهر.

السبت، 21 يناير 2012

كتاب: رحلة إلى مسقط عبر الخليج



من الكتُبِ التي أنهيتُ قراءتها مؤخراً كتابُ (رحلة إلى مسقط عبر الخليج) لماكس أوبنهايم، والذي من خلاله يصف الكاتب رحلةً قام بها من البصرةِ إلى مسقط. والكتاب في مجمله هو جزء من كتاب بعنوان (من البحر المتوسط إلى الخليج) للمؤلف ذاته.

وصف الكاتب انطلاقته من البصرة مرورا بالعديد من المناطق في الخليج العربي كالمحمرة، وبوشهر، ولنجة، وبندر عباس، وكشم، وهرمز، حيث قام المؤلف بوصف هذه المناطق مع ذكر بعض الحقائق المتعلقة بها والتي استمدها من بعض السكان أو المسؤولين هناك.

الكتاب ينتمي -رغم قصره- إلى أدب الرحلات، والتي قام بها العديد من الرحالة والضباط والمستشرقين لا سيما في عمان من أجل استكشاف طبيعة وتراث هذا البلد الكبير، وأذكر هنا الضابط (مايلز) الذي له العديد من الكتب والرسائل حول تاريخ وتراث عمان منها على سبيل المثال (الخليج العربي بلدانه وقبائله).

من ملاحظاتي على الكتاب:
1- لم تقتصر الرحلة على الوصف فقط، بل حاول المؤلف إدراج مجموعة من الحقائق التاريخية المستقاة من كتب وتقارير سابقة أو من خلال المعلومات التاريخية التي جمعها من ذاكرة الناس والمسؤولين.

2- هناك بعض الأخطاء في تدوين أسماء بعض المناطق أو الشخصيات، وهذا راجع إلى المترجم أو المحقق في نقله لتلك الأسماء.

3- عند الحديث عن مسقط، خرج المؤلف من كون كتابه في فن الرحلة إلى كتاب تاريخي جمع فيه تاريخ عمان، منذ مالك بن فهم مرورا بالدول التي تعاقبت على حكم عمان انتهاء بالدولة البوسعيدية، حاول من خلالها جمع الأحداث التي وقعت في تلك الأيام.


الكتاب: رحلة إلى مسقط عبر الخليج
المؤلف: ماكس أوبنهايم
مراجعة وتدقيق: محمود كبيبو
دار الوراق- بغداد
الطبعة الأولى 2007م