الخميس، 20 ديسمبر 2012

نهاية العالم


 
يكثر الحديث هذه الأيام عن نهاية العالم في 21/12/2012، وهذا الحديث له مرجعياته التي يستمدُ منها، وثقافة نابعة من الغرب، وبعيدة كل البعد عن اعتقاداتنا وإيماننا بالله تعالى. مردُّ  هذه الشائعة كما يفصل فيها كثيرٌ من المتتبعين إلى حضارة المايا التاريخية بالمكسيك، التي تشير نقوشها إلى نهاية العالم في هذا التاريخ. وقد قام الغرب بتأصيل هذه الفكرة وبلورتها من خلال الفيلم السينمائي (2012) والذي رصدوا من خلاله كل مظاهر نهاية هذا العالم...
 
 
هل ينتهي العالم في هذا التاريخ؟!
وهل سيصطدم بالأرض كوكب أو نيزك -كما يقولون- يغيّر نظام الكون بأكمله؟!
وهل سنصحو غدا لنجد مظاهر الأرض تغيَّرت؟!
 
إنها أفكار لا تمت إلى ديننا الإسلامي بأية صلة؛ فالمسلم يؤمن كل الإيمان بالله ورسله، وما جاء به القرآن ينفي ادعاء علم الغيب للبشر، قال تعالى: (إن الله عنده علم الساعة)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عندما سأله عن الساعة: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)، فكيف يدعي البشر انتهاء الكون في تاريخ محدد وقد أخفاها الله سبحانه عن رسوله الكريم...
 
ولقد قرأتُ مقالا جميلا لأحد المهتمين في الدراسات التاريخية يتحدث عن حضارة المايا، ويرى في ذلك أن ما جاءت به هذه الحضارة هو "تقويمها" الممتد تاريخيا وينتهي في تاريخ 21/12/2012 ثم تبدأ دورة جديدة للتقويم الجديد، يعني مثلما ينتهي تقويمنا السنوي ونبدأ تقويما جديدا لسنة جديدة، هو ذا تقويم حضارة المايا.
 
سبحان الله كيف دخلت هذه الفكرة إلى عقول كثير من الناس، فتكلموا عن نهاية العالم قبل خمس سنوات تقريبا من الآن. وكيف أصَّلتْ كثيرٌ من المواقع والقنوات لمثل هذه الشائعات.. وتناسوا أن لا أحد يعلم الغيب إلا الله سبحانه..

السبت، 15 ديسمبر 2012

كتاب (الشيخان) لطه حسين




كتاب الشيخان من الكتب التي اشتهر بها طه حسين والتي تعد سلسلة مهمة في التاريخ الإسلامي، تحدث في كتابه عن الشيخين "أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب" رضي الله عنهما. ويتناول الكتاب مرحلة مهمة من مراحل التاريخ الإسلامي وهي مرحلة الخلافة، وكيف كانت خلافة الشيخين وكيف كانت الدولة الإسلامية في فترة حكم الخليفتين. تناول طه حسين أيضا العقبات التي واجهت الشيخين أثناء خلافتهما كحروب الردة التي خاضها أبو بكر الصديق، ومجمل الفتوحات التي واجهت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.

 لقد أعطى طه حسين استدلالات وتحليلات شخصية لبعض المواقف والآراء التي يعرضها في كثير من الكتاب، كمسألة الأحقية بالخلافة بين أبي بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. وغيرها من الآراء التي رجحها طه حسين وفق رؤيته لتلك الحوادث.

 ما يلاحظ على منهج طه حسين في الكتاب اعتماده على (منهج الشك) وهو المنهج الذي اعتمد عليه في أكثر كتبه، يقول في مقدمة الكتاب: "وأنا بعد ذلك أشك أعظم الشك فيما روي عن هذه الأحداث..." ، فكان طه حسين يشكك في أغلب الروايات التاريخية، فكان كثيرا ما يورد عبارة (يقول الرواة أو ويذكر الرواة)، ومما نفى طه حسين وقوعه قصة استسقاء عمر بن الخطاب بعم النبي العباس بن عبدالمطلب، واعتبر هذه القصة كذبا تقرب بها الرواة إلى بني العباس.. وعدد المسلمين في الفتوحات حيث عد ذلك من تخمين الرواة لأن الأعداد لا يمكن إحصاؤها.

يعد الكتاب من أهم الكتب في العصر الحديث التي تتحدث عن سيرة إمامين كبيرين من أئمة الصدر الأول للإسلام. كتاب أنصح بقراءته لأنه: أولا: يوثق لمرحلة مهمة من التاريخ الإسلامي. ثانيا: يظهر فيه فكر كاتب كبير اشتغل على تحديث الخطاب الديني. ثالثا: معرفة مدى بروز منهج الشك الذي يميل إليه طه حسين في كتاباته على هذا الكتاب وعلى روايات تاريخية عديدة. رابعا: الوقوف على جوانب عديدة في حياة الشيخين تعرض لها الكاتب بالتمحيص والنقد. وغير ذلك كثير...
 
 
كتاب: الشيخان لطه حسين
الناشر: وزارة الثقافة والفنون والتراث- قطر
كتاب الدوحة- عدد يوليو 2012م

الاثنين، 10 ديسمبر 2012

أهكذا سرعة؟!!


قالوا من قبل إن العالم أصبح قرية كونية صغيرة، المعلومة تنتقل في أرجائها ببساطة وسرعة. لكن ما أعتقده الآن وفي ظل هذا التطور الهائل والمستمر أن العالم تخطى وصف القرية إلى وصف أصغر حجما يتمثل في الغرفة إن لم يكن البيت؛ فلك أن تقول إن العالم أصبح غرفة صغيرة أو بيتا صغيرا لا تجد المعلومة فيه صعوبة للتنقل.

أصبحت الأخبار وأنصاف الأخبار  تصل إلى العالم عن طريق وسائل التواصل الحديثة، وأظنها تصل إلينا قبل وصولها لوسائل الإعلام. لقد نجح التويتر والفيسبوك وحاليا الواتس اب في نقل صورة مغايرة لما يجري في العالم من مشاهد ومتغيرات، وأصبح الخبر طازجا في غضون دقائق.

مرة من المرات تابعتُ خبرا مهما على موقع التواصل الاجتماعي التويتر، تابعتُه بالصور وكأنني في قلب الحدث، وصلني الخبر بسرعة بالرغم أنه وقع خارج البلاد، في الساعات الأولى حاول إعلام ذلك البلد أن يخبئ شيئا من الوقائع، لكن ولأن التويتر سبق بنشر المعلومة بل ودقتها، فإن قناة ذلك البلد عاودت تصحيح أخبارها وأعطت المصداقية فيما تقدم للمتابع.

إنها العولمة التي فرضت كل ذلك، تصحو صباحا وأنت تقرأ رسالة على الواتس اب، وإلى فترة المساء يكون أكثر من عشرين شخصا رسل نفس الرسالة لك، بل وتتفاجأ في المساء أنت تقلب صفحات مواقع التواصل أن هناك من يرسل هذه الرسالة وهو بعيد عن بلدك.. لقد قضت التقنيات الحديثة على أحاديث المعصّرات التي تنتشر بطريقة كنا نعتقد أنها أسرع من السرعة، ولكن هناك ما زاد على ثرثرة النسوة وسوالفهن.

والسؤال المحيِّر إلي نمضي أكثر من ذلك؟ وهل هناك ما هو أقرب؟ وهل سنجد أصغر من الغرفة لتنقُّل المعلومات فيه بصورة أسرع.؟؟

علي شنين الكحالي



 
 
شاركتُ صباح الأمس في الإضاءات التي أقامتها وزارة التراث والثقافة على هامش فعاليات مهرجان الشعر العماني الثامن المقام حاليا في ولاية صحار، وقدمتُ إضاءة فكرية في مسيرة الشاعر الراحل علي بن شنين الكحالي (1963-1996م)، وللذين لا يعرفون الشاعر فهو احد شعراء ولاية صحار، برز شاعراً ومهتما بالنشاط الأدبي بداية التسعينيات إثر صدور ديوانه الأول "ثلاثيات الكحالي 1991م"، وديوان شعر للأطفال بعنوان "أنشد معي 1991م". شارك الكحالي في العديد من الفعاليات والمسابقات الأدبية في السلطنة وحصل على عدد من الجوائز والتكريم. رحل شاعرنا إثر حادث أليم هز ولاية صحار عام 1996م، وفقدت السلطنة شاعرا مبدعا متأقلا فارق الدنيا في ريعان شبابه.
 
رحل الكحالي -وهذه حال الدنيا- لكنه خلَّفَ لنا أعمالا لم تر النور بعد. لقد هيّأَ أعماله الشعرية والنثرية للنشر ولكن يد المنون أسبق إلى اختطافه قبل اكتمال أي من مشاريعه. لقد كُتِبَ لي -بحكم إعدادي هذه الإضاءة- أن أطلع على عدد من أعمال الشاعر الراحل المطبوع منها والمخطوط، لقد اطلعتُ على أعماله الشعرية والتي منها: : "ثلاثيات الكحالي" ودواوينه المخطوطة وهي: "لحون مبتدئة" و"عزف منفرد" وديوان آخر لم يعنون له الشاعر بعنوان بعد. واطلعت على دواوينه الشعرية للأطفال وهي: "أنشد معي" والمخطوطة وهي "ينابيع الحياة" و"أجمل الأيام" و"زهور المحبة". وهذه الدواوين الأربعة تجعل من الشاعر من المهتمين البارزين في مجال شعر الطفل في الساحة الثقافية العمانية. واطلعت على بعض الأعمال النثرية ومنها كتاب مخطوط بعنوان "من أعلام صحار" وكتاب "مقالات قصيرة". كما توجد للشاعر بعض الكتب المخطوطة الأخرى لم تصلني بعد.
 
يظهر من هذا العرض الموجز لأعمال الكحالي، أنه كان ذا همة ونشاط، يكثف جهده في خدمة الثقافة والشعر والأدب. ولقد أوصى الكحالي بجميع كتبه بعد رحيله إلى مكتبة مسجد بلده وهي بادرة جيدة تتمثل في حب الثقافة والقراءة والاطلاع.
 
ستة عشر عاما على رحيل هذا الكاتب الذي أعطى الساحة العمانية وقته وجهده ولا تزال اعماله حبيسة الأدراج وقيد الملفات ورهن النسيان. ستة عشر عاما وأعماله تنتظر من يقدمها للقارئ وللمكتبة العمانية وهي تعرف بالشاعر الكبير. هذه دعوة صادقة لجميع مؤسساتنا الثقافية الحكومية والخاصة لتتبع هذه الأعمال وإخراجها في مؤلف يليق باسم علي بن شنين الكحالي.