الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

من أكل "القاصية".. نحن أم الذئب؟!



في الصِّغرِ قرأنا حكاية الرجل الحكيم الذي ما إن أدركتْهُ الوفاةُ جمع أبناءَهُ الثلاثةَ، وأعطى كلَّ واحدٍ منهم عصا وطلب منهم أن يكسروها، ففعلوا. ثم أعطاهم حزمة من العصي وطلب منهم أن يكسروها فلم يقدروا على ذلك، والنتيجة التي تحيل إليها القصة الوحدة وعدم التفرق.

الرؤية  تقودنا إلى "القاصية"، ونحن نقرأ "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"، والقاصية هذه هي التي انفردت عن القطيع، ودائما ما يقودنا فهمنا إلى طرح الأسئلة:
-لماذا انعزلت القاصية عن بقية القطيع؟
-ما الأسباب؟
- هل ستعود أم لا؟

الحالة الشعورية النفسية تقول: "إن القاصية تقتضي أن تنفرد"، فالتجارب تقودنا إلى ذلك، لا سيما ونحن نعلم أن الحالة المزاجية التي تمر بها النفس تجعله موزعا بين حالات عدة. اليوم حالة فرح وسعادة، وغدا حالة حزن، وبعده حالة يأس وفتور. فالانزواء والابتعاد سنة كونية طالما أن النفس البشرية غير كاملة ويعتريها النقص....

تم طرح كل التساؤلات حول ذلك، ولكن تناسينا أن نفهم تلك الحالة، نفسيتها، موقفها، دواخلها، مشاكلها. كثرتْ فلسفاتنا حول المواقف، وتناسينا أن الحوار لغة تعيد الماء إلى نبعه صافيا، تعلمنا الكرْهَ فأطلقناه طائرا يحلق عاليا، وجهلنا أن الحب سحابة ماطرة توزع خيرها وتنشر الفرح والسرور..

سياسيا... ما قامت به القوات الخليجية المشتركة في البحرين هو ضمان لوحدتها جميعا، ونبذٌ للتفرق، وقراءة للمشهد التفككي الذي لن يخلف إلا التلاشي والإمّحاء، حيث أدرك الكل في الخليج أنه لو أُكِلَت الواحدة، ستؤكل الأخريات وذلك في باب أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثورُ الأبيضُ...

 من رأى المشهد بعينه وبقلبه وبوجدانه حتما، وأعاد قراءة التاريخ، سيتساءل حتما من أكل تلك "القاصية" نحن.. أم الذئب الذي عادة ما نلصق تهمنا عليه؟