الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

لما أدخلَ يده في جيبه



هل هناك فرق بين أكل البيتزا والخبز اليابس ؟؟
الجواب في حد ذاته  تصنيف غذائي مرير ، ربما إلى حد بسيط ، فالبتزا ليست متوفرة للكل ، والخبز متوفر .

كيف ذلك ؟؟

واحد من الناس لما رأى امرأة تمد يديها إليه ، سارع إلى مد يد العون إليها ، وعندما أدخلَ يده في جيبه ، لم يجد إلا مائة بيسة ، فأرجع يديه إلى حيث كانت ظانا أن المائة بيسة هذه لن تقدم شيئا للمرأة ، أو من العار أن يراه أحد وهو يقدم مائة بيسة . الفقير يمد يديه لا ليملك هذا الكون ، بل يمدهما ليطفئ شيئا من حاجته ، لا ليأكل البيتزا بل ليأكل بهما رغيف خبز ، لا ليأكل وجبة دسمة ، بل ليُسْكِت الأصوات الصادرة من بطنة .

وتعالوا لنحسب معا :

- مائة بيسة تقدم كيسا من الخبز ، أوتقدم قطعة من الكعك مع مشروب عصير صغير ، او تقدم خبزا وجبنا وبطاطس ، أو بطاطس وحده ، أو أي وجبة خفيفة ... بمعنى آخر لو كل واحد أدخل يده في جيبه ووجد مائة بيسة فكم ستقدم من ذلك .

المائة بيسة لا تقدم للفقير بيتزا ، ولكنها تقدم أشياء أخرى قد تفوق البيتزا حضورا ..

ربما ، وأقول ربما أن حضور المائة بيسة قد يفوق حضور غيرها أحيانا في نظر الفقير .. والفقير يحتاج إلى الطحين أكثر مما يحتاج البيتزا .. فلو ادخلت يدك ثانية في جيبك ووجدت خمسينا ، أقصد خمسين بيسة وليس ريالا ، فادفعها لغيرك فلا تدري ما تحدثه هذه الخمسين من فرق في الحياة .




الأحد، 12 سبتمبر 2010

تأمــــلات





1
الليل

كائن يراقبنا ونحن نخبئ أبصارنا تحت لحافه .. كم يبدو هذا الليل طويلا يذكرني بذلك الشاعر الذي تفنن في وصف ليله قائلا : " لما تمطّى بصلبه ، وأردف أعجازا وناء بكلكلِ " . السؤال الذي يحيرني طويلا : كيف يبصرنا الليل في غمرة السواد القابع في الكون ؟ ، كيف تمتد يده الخفية فتحرك السكون إلى ضجة والضجة إلى سكون والتأمل إلى خوف ؟

لم أنس ذلك الليل الذي مر على طفولتي فجعلني أخشى معه اللون الأسود ، كل شيء يحيل إلى السكون ، القلب وجل ، والأبصار تتنقل يمنة ويسرة تحاول إلى أن تجد طريقا إلى الصبح ، كنت أستمع إلى صوت طنين البعوضة وهي تحلق في حين أني لم أستطع رفع يدي لأبعدها عن أذني .. كنت أنتظر الصبح ليقيم علاقة نهائية مع الظلام ولكن ....... الصبح ظل بعيدا والليل يطول ويطول ..

حكايات الصغر ونحن نتحلق حول العجائز نستمع للحكايا هي التي جعلت الليل يزداد سوادا في أذهاننا .. فلان طارده كائن غريب ، له ذيل طويل من مزرعته إلى باب البيت يريد أن يلتهمه ، وفلان رأى امرأة متلفعة بالسواد تتمشى في فناء داره ليلا ، وفلان يسمع أشخاصا يتمرجحون ليلا في أرجوحة ابنه الصغير وهم يتحدثون بكلام لا يفهم ، وووووووووو الحكايا تلصق في الذاكرة والليل يزاد سوادا .

الآن فقط سنحكي لأطفالنا حكايات أكثر بهاء وبياضا علهم يعلنوها صرخة كبرى في حب الليل ...




2
الدموع

الخدود وحدها تعرف سخونة الدمعة ، وهي التي تفضح البكاء من التباكي كما يقول المتنبي ، بصراحة هي الوحيدة التي لا أستطيع إيقافها ، أكتب من خلال رحلة إلى التأمل ، الفقير يرى من خلالها متنفسا لما في قلبه ، والغني يواري خلفها أحيانا ما امتلأت بها جيوبه ، الكل يستخدم توقيعها على أسطر الحياة .

يقول سعدي الشيرازي في دعوة قوية للبكاء وعلاقتها بالفرح واللقاء :

بكت عيني غداة البين دمعا .. وأخرى بالبكا بخلت علينا
فعاقبت التي بالدمع ضنت ... بأن أغمضتها يوم التقينا

ما أجمل إذن أن يجتمع الفرح والفراق والدموع كما يرى السعدي ، وعليه فنحن بحاجة لتقاطعات كبرى بين الأمل واليأس والحب والكره ، لأن الحياة كما يبدو أصبحت تحب المتضادات .




3
الفوارق


كثيرا ما تميزنا الحياة عن الآخرين ، نرضى بذلك ، ولكن هل هذه الفوارق كبيرة حتى ننسى معها ذاتيتنا وأسماءنا ؟ هل الفوارق تتحدانا وترسم لنا الملامح الكبرى للطريق الذي لا نريده ؟

لا أعتقد أن للفوارق أثرا كبيرا في اختيار حاجتنا من المستقبل ، فنحن قادرون على رسم ملامح واحتياجات نضع عليها أسسنا .. نعم هي خطيرة لو جعلناها شماعة نعلق عليها الأخطاء .. باختصار هي علامات لمعرفة الطريق ليس إلا ...




4
قيــد


هذا ليس قيدا بالمعنى ، بل هو الحب بمعناه المتفرد به ، الحب الذي يقيدنا إلى جواره ويبني على قلوبنا قصرا كبيرا .... ومن وجد الحب قيدا تقيدا ...




ينام لأنه لم يعرف كره العالم بعد ...