الأربعاء، 19 مارس 2014

جبل غرابة بولاية صحار.. تاريخ وأسطورة






ما قصةُ ذلك الجبل المنزوي غرب منطقة فلج القبائل بولاية صحار والمعروف بجبل "غُرابة" (1)؟!.. منذ الصغر ونحن نسمع الحكايات عن مكانه، حكايات المغيبين والسحرة، كل من مات مسحورا يقول الناس إن السحرة تحمله ليسكن هذا الجبل. أساطير وقصص دارت بها ألسنة كبار السن، كنا ننظر لهذا الجبل نظرة رعبٍ وقلق.. كلما أبصرته أعيننا تساءلنا عن عدد المغيبين المسجونين داخله..


تاريخيا يبدو أن لهذا الجبل تاريخا عريقا، هذا ما تشير إليه كتب التاريخ والرحلات، فقد ورد في كتاب (الخليج بلدانه وقبائله) للضابط/الرحالة صامويل مايلز الذي زار صحار عام 1875م واتجه منها إلى البريمي عن طريق وادي الجزي(2) : "أن الحاكم الفارسي مرزبان (وهو أول حاكم فارسي على إقليمي عمان والبحرين) واسمه (دافيروز هاشمشغان) أنشأ له قصراً في جمسترد التي تحولت إلى مدينة للفرس". إلى أن يقول: "بأن الفرس أقاموا عاصمتهم في جمسترد، وهي منطقة قريبة من صحار، واتخذوا منها المركز الرئيسي، وتعرف هذه المنطقة الآن بجبل غرابة أو فلج السوق، ولا تزال آثارها باقية". (3)


إن ما جاء به مايلز يدل دلالة كبيرة أن المنطقة التي يقطنها جبل غرابة هي منطقة تاريخية ينبغي الغوص في أعماقها لاستكشاف البعد الحضاري والتاريخي لهذه المنطقة التي تمثل التاريخ العماني..


والآن كلما مررتُ بطريق وادي الجزي ونظرت إلى جبل غرابة، لم تعد التساؤلات المملوءة أساطيرا وخرافة تتصارع داخلي، إنما أنظر نظرة ملؤها التاريخ، تاريخ يحكي قصة هذه الأرض، والتي على إثرها ظل هذا الجبل موضع الحكايات وسيظل موضع البحث والدراسة والتحليل..

 

(1)  هناك أكثر من جبل يحملُ نفس الاسم، منها جبل في السعودية وجبل في اليمن، وربما لا توجد دلالة على المسمى باستيطان بشري سابق. ما أعتقده أن التسمية لها بُعد غرائبي متعلق بالأساطير والحكايات التي تدور على ألسنة الناس، أو بالتكوين الشكلي لهذا البناء.

(2)  انظر (مدخل إلى أدب الرحلات في عمان دراسة وصفية للرحالة البريطانيين 1626- 1970م) للدكتور هلال الحجري، مجلة نزوى، الرابط الإلكتروني: http://nizwa.com/print.php?id=2933

(3)  راجع كتاب (الخليج بلدانه وقبائله) لصامويل مايلز، سلطنة عمان: وزارة التراث القومي والثقافة، الطبعة الثالثة، 1986م، ص47

الأربعاء، 12 مارس 2014

قرى لوى.. في قصيدة (رحلة الشميلية)













تعدُّ هذه القصيدة من القصائد التي سجلتْ أسماء القرى بعدد من الولايات في شمال الباطنة كشناص ولوى وصحار، إثر الرحلة التي قام بها إبراهيم العبيداني والمعروفة بـ(رحلة الشميلية) وهو الاسم القديم لمناطق الباطنة شمال. وقد قام الشاعر بهذه الرحلة مبتدئا بقرية المرير بشناص ومنتهيا بولاية صحار وكانت في عام 1347 هـــ أي في أواخر العشرينيات من القرن الماضي.

*وقد ورد في هذه القصيدة العديد من القرى في ولاية لوى والتي لا يزال بعضها باقيا إلى الآن وبعضها اندثر. ومن هذه القرى:

نبر، لوى، الحد، الغزيل، غضفان.

*ورد في القصيدة ذكر (الخزينة) وهي ليست منطقة بعينها وإنما –بعد الرجوع لكبار السن- هي مزرعة لأحد المواطنين في منطقة الجعشمي كان الناس يسكنونها صيفا.

*لم يذكر الشاعر عدة قرى في الولاية كحرمول وفزح وذلك ربما لأن خط سيره لم يمر على هذه القريتين فحرمول تقع على الشاطئ، وفزح قرية جبلية. كذلك قرية الزاهية حاليا، وذلك ربما لأنه اعتبرها تابعة للوى..

الثلاثاء، 4 مارس 2014

الأحد، 2 مارس 2014

مختارات (4): تلاوة من حضرة الفقد لمحمد الشحي



"تِلاوةٌ مِن حَضْرَةِ الفَقْدِ لابنِ الفَارِض"


محمد عبدالكريم الشحي

 

سَيغفو

 على شَهْقَةِ الحُلمِ هذا التّجلِّي

ويمسحُ

 آثامَهُ الصّافناتِ

              بأسئلةٍ 

                  في رخامِ الأثيرِ

        ليحبو النّوالُ إليَّ  قليلا

 

فلِلحُلْمِ حين اسْترابَ النّحيبُ

أزاميلُهُ,و مزاميرُه,

وجَلوَتُهُ البِكرُ

 كَشْفٌ عَلِيّ

يَزِفُّ المَقامةَ صَوبَ الوليّ

 و لِلحُلمِ أدعيةٌ في القِنانِ

كما دِمَنٍ في الذراع القصيّ

تبتَّلَ فيها دمِي واســتفاقَ

على سِدرةٍ

 كالعروج البهي

ولكنّها

 غُربةُ اللاّحُبورِ

تَسِلُّ المصائرَ من خافقَيّ

وتبكـي عَلَيّ

وتَهمي بأنوائِها المُورِيات

ألسْتُ الذي فصَّدَ الحُلْمَ يوماً 

وقلتُ أرانيَ

 أعصِرُ

 فجرا

سأعثُرُ خَلْفَ العَلِيّينَ

 دوماً

 لكي يمنحوني قميصَ البصيرة

وكَيما أزِمُّ

 سَماوَةَ

 وَجْدي

وأسْكُنُ وعْدي


          و إنّي أراني


 أُسبِّحُ مُرتجِلاً للنجاة :

سَأرْفُلُ   في   مُتَعِ الأولياء:      تََعقُّبِ   شاهقــةٍ    بالجَلال

 وسِرِّ احتضاراتهم في البهاء      وأفلاكُهُم   مِثلُ  وشمِ المجال

لهُم  مُقـلُ نـََـذرَتْ كُنهَها      إلى دمعةٍ طَعَنتْ في  المُحال

 

سأُعطِيكَ ما قرَّبَ الرّاحلونَ:

قُرُنفُلةَ الوَلَهِ الأزَليّ,

رَسُولِيّةَ الوَجْدِ والغَمَرات,

صَبابةَ مَن زنَّرُوكَ بِدمعٍ

فهل في يدَيكَ ضَراعةُ قُرْبٍ

 يَجئُ

نديّاً


صبيّاً رسُولا؟


 

                  * * * * * *

أتيتُكَ طفلاً

يُشاغِلُهُ العابرونَ عُرُوجاً

إلى  سُجُفِ العابرينَ الثُّمالى

         لإغفاءَةٍ 

                   مِن جلالِ الرُّتب

أُقايِضُ لُعبَتَكَ البِكرَ بي

وأرْمُقُهم يشربونَ الرَّحيلَ

سراباً00 سرابا

وكُنتُ أصيحُ

لماذا دماءُ الخَواتيمِ دَوماً

                تُحيلُ

                   بُكاءَ

                      اليَمامِ

                          نخيلا؟

لأنّيَ كنت فَتِيّا

أدُسُّ الحَكايا إلى قَمَرٍ في الضُّلوعِ

لأني00

أفصِّلُ أسئلةَ الرمل جَهرا

بِحجمِ اليقينِ الذي في يَدَيّا

فهلْ سوف تُشعِلُ

لامَ اعتذاري

         على جُملِ الحب في مِعصَمِي

وَيَا مِعْصماً لامَهُ لامُهُ

 ستَجهَشُ آلاءُ عطرِ المُريدِ

فَهَبْ لي : 

          سَناكَ

        سِلالَ الفَراغِ

     وَ رُشَّ مقاماتِهِم

                       سلسبيلا

على شَطَحِ المُترَعِينَ كَتبْنا:

 

 

 

تَرى الرُّوحُ أسماءَها المُتعَبات

عويلاً يُكَمِّمُ ثَغرَ الحُجُب

      

                               * * * * * * * *

رَمى القلبُ يوماً

على لَهَواتِ المراحلِ صَوتي

وطهَّمَها بالتّوحُّــدِ عَـذباً

وقال اسكبي الطفل بي واهتفي:

فليسَ احتلالُ الجوابِ سرابا

إذا كان طعـمُ السُّؤالِ وصيّا

فإنَّ الذي هو أنتَ تَراءَى:

يُنُوعَ رحيل

شُقوقَ أصيل

وظلاًّ ظليلا

كَوجْهٍ بأُغنيتينِ استَدارَ

لِيَفْتُلَ نَعيِي   

مضى يستعيرُ00

           وَريدِي فَتيلا

أحبُّكَ

هل طوّقَتْكَ الصّلاة

 فبي شُبَهُ الانتظارِ اشْرَأبّتْ             

ستَفرِكُ وُجهَتنا في الظّنونِ   

تُقلِّمُ

  فينا

     حِوارَ القيامه

وحين نموتُ

تُؤَنْسِنُ

    بِشْرِيِّنا

المُغتَصَبْ

وتمنحُنا:

         مَجيئاً يَشِفُّ هَيولى الرّحيلِ

        وعَوداً إلى تُربةٍ جَذّرَتنا

 

      سأترُكُها  أيّها العارفونْ

تُساومُ ظِلّي

لِيغدُو الفناءُ

        مَسيحاً قتيلا

 

       * * * * * * *

 

يفِلُّ ضفائرَهُ العشقُ

 في شفَتَيَّ ابتهالاً صَموتا

متى حَفَّني

أتاهُ النداءُ العَلِيّ:

           هل انسكبتْ من جناحِ الفُيوضِ

                                       ومِشكاتِها اللحظةُ الفارِقه

           وهل شفَّكَ الغَمْرُ حتى غَدَوتَ

                                       غريقاً يُصلي لِمنْ أغرقَه

          هُنالكَ   رُوحـكَ   إشــراقةٌ

                                       وسِربٌ بنكهتهِ المـُعتَقَه

 

أرَى في الأساطيلِ

حين تَمرُّ على حائطِ الرّوح:

 وَجْهَ الزّوالِ

 سَرايا رذاذٍ بهيِّ النّشيج

 وحَلْبةَ رقصٍ

 يطوفُ بها وَلَهُ النّاسكين

ويَقبِسُ بَوحُ الدّراويشِ حولي

فيَكبُرُ نَذرُ الخُفوتِ أصيلا

أعودُ لحُلمي وقد خِلْتُ أنّي

                        الصّفيُّ

    النّقيُّ

        البهيُّ

            العَليُّ

                الجليُّ

                     الوليُّ     

 

    وأنّي

                        السّلامُ

                            الغمامُ

                               ذَراري الكلام

     وأصحو

      بلا نُسُكٍ في المدارِ

     وأصحو بلا زُرْقَةٍ للثّوابِ

      وأصحو

                 ومِسبحةٌ من دموعٍ

                 تُرتِّلُ في راحَتَيَّ طويلا