الأربعاء، 29 يونيو 2011

روااااااااااااااااائح 2



اليوم انتشرت الروائح انتشاراً عجيبا في سماء المنطقة، وأنا ذاهب إلى صلاة الفجر كنت أغطي أنفي كي لا أشم تلك الروائح، وأفتحها قليلا لكي أتنفس، وفي الحالتين كنت أختنق.

المسجد ممتلئ بتلك الرائحة السامة، البيت كذلك ممتلئ بها، لا يوجد مكان لم تصل إليه الروائح. وقد ظلت داخل البيوت إلى ما بعد الساعة العاشرة صباحا.

الإنسان عنصر التنمية الأول يظل يصارع الأمراض الناتجة عن هذه السموم، ولا أحد يحس بمعاناته أو شكواه إذا قدم أو طالب بما يكفل له الحياة الصحية الآمنة. الكل يغض الطرف عما تخلفه المصانع والشركات، والجهات المسؤولة لا تكفل الحق للمواطن في مواجهته للمتسببين في ذلك.

نسأل الله الرحمة والعافية. وإلى الله المشتكى.

الجمعة، 24 يونيو 2011

روااااااااااااااااائح


ما زلتُ أذكرُ ذلك الرجلَ الكبيرَ في السنِّ الذي وقفَ في مسجدِ قريتنا منذ سنواتٍ وهو يصرخُ: (يوم القيامة اقترب) وذلك لأنه رأى في المنام ناراً تقتربُ من جهة الشرق فتطرد الناس إلى الغرب. الشرق كان جهة البحر، البحر الذي كنا نرتاده منذ الصغر، نسيمه يهب عليلا وصافيا على القرية.

كم نشتاق لهذه الرائحة الآن، رائحة الأرض والنخيل وأنت ذاهب إلى صلاة الفجر، كل ذلك كان من الماضي، الروائح التي تملأ البلد الآن هي السموم بعينها، وذلك من إنشاء ميناء صحار مقابل البلد.


إنشاء الميناء هنا مشروع اقتصادي يدرُّ أرباحاً وفوائد على الدولة، ولكن ما تعانيه المنطقة والمواطن هي الروائح التي تُمرضُ الناسَ باستمرار، بالأمس كانت الروائح المنبعثة من المصفاة والمصانع القريبة، ومن ثم توالت الروائح من الشركات الأخرى كـ"فالي" وغيرها التي تستخدم بودرة تتطاير في الجو ثم تسقط على البيوت والسيارات. أضف إلى ذلك مخلفات هذه الشركات من السموم التي تلقى في مرادم غرب المنطقة والتي حولت المكان إلى أشبه بالمنطقة البركانية التي تتصاعد أدخنتها.


اليوم نجد هذه الروائح تدخل إلى منازلنا عنوة، وإن قمنا بتغطية الأبواب والنوافذ بقطع قماش فإن ذلك لا يجدي، حتى المكيفات المركزية لم تستطع المقاومة أمام هذه الروائح التي سببت العديد من الأمراض للناس كالإجهاض، والحساسية، والسرطانات التي أصبحت متفشية.


الكل يتساءل عن الاشتراطات البيئية والصحية قبل تنفيذ أي من المشروعات. الكل قام بمغادرة المنطقة وذلك ببناء منازل جديدة في مخططات أخرى كلفتهم مبالغ طائلة . ولكن الروائح ما تزال تطاردهم. فلا حول ولا قوة إلا بالله.

الخروج من معرَّة النعمان



  تروي كتبُ التاريخِ "أنَّ صالحَ بن مرداس صاحب حلب، خرج إلى المعرة وقد عصى عليه أهلها، فنزل عليها، وشرع في قتالها، ورماها بالمناجيق. فلما أحس أهلها التغلب سعوا إلى أبي العلاء، وسألوه الخروج إليه والشفاعة فيهم عنده، فخرج متوكئا على يد قائد له. وقيل لصالح: إن باب المدينة قد فُتِحَ، وخرج منها رجل يُقادُ كأنه أعمى. فقال صالح: هو أبو العلاء!". قال له أبو العلاء: "مولانا السيد الأجل، أسد الدولة ومقدمها وناصحها، كالنهار الماتع اشتد هجيره وطاب أبرداه، وكالسيف القاطع لان صفحه وخشن حداه (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين). فقال صالح: قد وهبتها لك يا أبا العلاء. وأمر بخيامه فوضعت، وبأثقاله فرفعت، ورحل عنها.





لقد قدمت المعرة أبا العلاء شفيعا، فهو كبيرها، ورأس العلم فيها، وهكذا تقدس الأمم عظماءها وكبراءها، وهكذا تقدر الفضل، وهكذا يرفع العظماء قدر الأماكن التي يقطنونها.

بعد ألف عام وقليل على رحيل أبي العلاء عن المعرة، هاهي المعرة تبحث عمن سيخرج شفيعا لها أمام الدبابات والجيوش السورية التي تجتاح أرضها، تبحث عمن يوقف القتل والخراب ويقول :(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، تبحث عمن يحقن دماء الأبرياء في المعرة، تبحث عن كل ذلك وروح أبي العلاء تملأ أرض المعرة صخبا وحياة.