الجمعة، 24 يونيو 2011

روااااااااااااااااائح


ما زلتُ أذكرُ ذلك الرجلَ الكبيرَ في السنِّ الذي وقفَ في مسجدِ قريتنا منذ سنواتٍ وهو يصرخُ: (يوم القيامة اقترب) وذلك لأنه رأى في المنام ناراً تقتربُ من جهة الشرق فتطرد الناس إلى الغرب. الشرق كان جهة البحر، البحر الذي كنا نرتاده منذ الصغر، نسيمه يهب عليلا وصافيا على القرية.

كم نشتاق لهذه الرائحة الآن، رائحة الأرض والنخيل وأنت ذاهب إلى صلاة الفجر، كل ذلك كان من الماضي، الروائح التي تملأ البلد الآن هي السموم بعينها، وذلك من إنشاء ميناء صحار مقابل البلد.


إنشاء الميناء هنا مشروع اقتصادي يدرُّ أرباحاً وفوائد على الدولة، ولكن ما تعانيه المنطقة والمواطن هي الروائح التي تُمرضُ الناسَ باستمرار، بالأمس كانت الروائح المنبعثة من المصفاة والمصانع القريبة، ومن ثم توالت الروائح من الشركات الأخرى كـ"فالي" وغيرها التي تستخدم بودرة تتطاير في الجو ثم تسقط على البيوت والسيارات. أضف إلى ذلك مخلفات هذه الشركات من السموم التي تلقى في مرادم غرب المنطقة والتي حولت المكان إلى أشبه بالمنطقة البركانية التي تتصاعد أدخنتها.


اليوم نجد هذه الروائح تدخل إلى منازلنا عنوة، وإن قمنا بتغطية الأبواب والنوافذ بقطع قماش فإن ذلك لا يجدي، حتى المكيفات المركزية لم تستطع المقاومة أمام هذه الروائح التي سببت العديد من الأمراض للناس كالإجهاض، والحساسية، والسرطانات التي أصبحت متفشية.


الكل يتساءل عن الاشتراطات البيئية والصحية قبل تنفيذ أي من المشروعات. الكل قام بمغادرة المنطقة وذلك ببناء منازل جديدة في مخططات أخرى كلفتهم مبالغ طائلة . ولكن الروائح ما تزال تطاردهم. فلا حول ولا قوة إلا بالله.

هناك تعليق واحد: