الثلاثاء، 11 فبراير 2014

صور من رحلة كيش الإيرانية (1)



جزيرة (كيش) الإيرانية من الجهات السياحية التي يقصدها كثير من السياح في الخليج. لما بها من طبيعة جميلة متمثلة في الشواطئ والمنتزهات والأماكن الأثرية التي تدل على تاريخ هذه الجزيرة.

ورغم صغر هذه الجزيرة إلا أن السياح يتوافدون إليها للاستمتاع بجمالها في فصل الشتاء خاصة لبرودة طقسها، أما في الصيف فهي تتأثر بطقس الخليج العربي الحار..
 
(الآثار في جزيرة كيش)
 
المدينة التاريخية يعود تاريخها إلى 1000 سنة



 
 
 
 
 
كاريز ... المدينة الأثرية الموجودة تحت الأرض .. روعة وجمال.













هذه الشجرة يعود تاريخها إلى ما يقارب 500 عام

 

الاثنين، 10 فبراير 2014

مختارات (2): جدي والعريش لسليمان المعمري




جدي والعريش

 

أوصاني جدي ألا أدخل العريش الذي كان ينام فيه إلا بعد أربعين يوما من وفاته .. ولكن بسبب خطأ في الحساب دخلتُ في اليوم التاسع والثلاثين فرأيتُ دشداشة بيضاء معلقة في مشجب كرجل مشنوق ، يتدلى من جيبها الأيمن فاتورة ، ومن الأيسر فاتورة أخرى .. تسمّرتُ مكاني من الهلع وخرج مني صوتٌ يشبه المواء : "أنا آسف ، أنا لم أقصد الدخول ميااو" .. وسمعتُ نباحا يخرج من الدشداشة المعلقة فارتعدتْ فرائصي وفررتُ مذعورا خارج العريش ، ووصلتُ إلى أمي وهتفتُ وأنا ألهث : "أعيديني إلى رحمك" .. ففعلتْ عن طيب خاطر ، ولكنني لم أرتح للنوم متكوماً بطريقة الجنين فرفستُها وخرجتُ .. ورأيتُ القرية كلها تجري ناحية عريش جدي فركضتُ وراءهم .. كانوا يقفون صفاً أمام العريش .. كلما دخل واحد خرج مفزوعا يطارده نباح الكلب .. وما هي إلا سويعات حتى سمعتُ القرية كلها تموء مثلي فحمدتُ الله وشكرتُه .. في اليوم التالي دعانا الشيخ سعدون بن خويطر لاجتماع .. تنحنح وماء ، ثم قال : "صرنا قريةَ سنانير ، فماذا ترون ؟" .. قال الذي أسرّتْ لي أمي أنه هو من أكل جدي : "لا بد من قربان نسترضي به الجن ، ليس أمراً هينا الدخول على جني وهو في وضع غير ملائم" .. ورأيتُهم ينظرون اليَّ فارتعدتُ وطفقتُ أجري وأموء ، وهم يجرون خلفي ويموؤون .. وتعثرتُ أثناء ركضي بنتوء صخري فسقطتُ برأسي على حافة الفلج .. والآن هذه المرأة ذات البدلة البيضاء تقول إنني يجب أن أشرب من يدها الكأس .. وأن أمي رحلتْ قبل لحظات ، وقد تعود اليوم ، أو تعود غدا .. وتقول أيضا إن جدي بالخارج ، وسأل عني غير مرة !! .. بعد أن حمل الممرض الطعام قال جدي معاتبا : "أما كان بإمكانك أن تصبر يوما واحدا ؟!" .. قلتُ : "أنتَ تعرف يا جدي أن المادة الوحيدة التي كنتُ أرسبُ فيها هي الرياضيات" .. قال : "عندما تخرج من هنا فان عليك أن تحرق ذلك العريش وإلا ظللتُ تائها في الأرض" ..

بعد خمسة أشهر خرجتُ من المستشفى فوجدتُ جنودا يحيطون بالعريش وينظمون حركة الجموع المحتشدة حوله .. سحناتٌ عجيبة أراها لأول مرة .. قلتُ لإحداها : القرية تغيرتْ كثيرا في غيابي ! .. قال : "أنا لستُ من هذه القرية" .. عرفتُ بعدها من أمي أن كل أهالي القرى المجاورة يأتون يوميا ليستمعوا لنباح الرجل المشنوق .. ومازالت محاولاتي لحرق العريش مستمرة حتى بعد مضي عشرين عاما .. الجنود كانوا منتبهين دائما ، يحبطون محاولتي في مهدها .. المرة الوحيدة التي تمكنتُ خلالها من إشعال النار تم إطفاؤها بسرعة وهي محض جذوة .. الناس نسيتْ جدي الآن ويظنونه ميتا .. أنا الوحيد الذي ما زلتُ أراه ، يتنزه يوميا في القرية وينظر إليَّ بعتب .

 

الثلاثاء، 4 فبراير 2014

ذاكــ(1)ـرة: قلق الطيران..




بسقوط الطائرة التابعة لشرطة طيران الخليج بتاريخ 23/8/2000م في مياه مملكة البحرين عرفتُ السبب الرئيس الذي لأجله كان لاعب المنتخب الهولندي دينيس بركامب يخاف ركوب الطائرات ويكتفي بقيادة سيارته في التنقل بين الدول للعب مبارياته الأوربية.

وفي حقيقة الأمر لم أكن أدرك تلك المخاوف جيدا إلا عند سفري إلى دولة الكويت عام 2001 على متن طائرة تابعة لشركة طيران الخليج!! حاولت كثيرا إخفاء قلقي فتشاغلت بقراءة الجريدة إلا أن صفحات الجريدة أبت إلا أن تهتز في يدي، كنتُ لا أكلم من بجواري في محاولة للاختلاء بالنفس ورفع معنوياتي. ولكن ما زاد من مخاوفي أكثر كلمة نطق بها من بجواري عندما قال: "هنا وقعت طائرة طيران الخليج".

لم أستطع أن أخفي قلقي أكثر وبدأت مخاوفي تزاد، ولو طالت الرحلة قليلا لصرخت بأعلى صوتي "أنزلوني". لم تغب تلك المخاوف في العودة من الكويت لا سيما مع وجود المطبات الهوائية الشديدة والأمطار، والتي أعلن معها قائد الطائرة بربط الأحزمة والاعتذار عن تقديم الوجبة لوجود مطبات هوائية شديدة...

الخوف من رحلات الطائرات ظل طويلا يرافقني في رحلاتي، ولكن لا تزال كلمة قالها الشاعر نوري الجراح ونحن في إيران أثناء المشاركة في المهرجان الشعري العالمي عام 2010م، قال كلمة عن هذه الأجواء، "الطائرات ما هي إلا طائر أعمى يطير بنا... ولكن الله هو الحافظ الذي يحفظنا".

في رحلة إيران تلك ازداد قلقي كثيرا تجاه الطائرات المحلقة، فالمسافة من مطار البحرين الدولي إلى طهران رغم قصرها إلا أنها لم تخلُ من المطبات الهوائية، الأمر الذي ألجأني إلى الاستغفار وقراءة شيء من القرآن، وعزوفي عن تناول وجبة الطعام المقدمة من الطاقم، (أصلا مين ليه نفس ياكل أو يشرب)، ومع ذلك ازداد تعجبي من ذلك الخليجي أمامي كيف يحضنه النوم طيلة الرحلة والطائرة تهتز بنا بين السماء والأرض!! ولم يقطع نومه وشخيره إلا تهديد الطاقم له بضرورة ربط الأحزمة لاستعدادنا للهبوط..

أما في الجزائر فإن قائد الطائرة أنزل الطائرة بسرعة خلتُ أنها لن تتوقف إلا خارج مدرج المطار حتى نصل إلى المدينة، وما إن توقفتْ حتى أحسستُ أن الروح عادت لي مجددا..

هذا القلق توقعت أن يكون حاضرا في رحلتي الأخيرة إلى جزيرة كيش الإيرانية الأسبوع الماضي، لعلمي أن الطائرات التابعة لشركة الطيران (كيش) ليست بالطائرات الكبيرة، فكان استعدادي مبكرا لما سينتظرني ولكن ولله الحمد هذه المرة لم تواجهني أي مطبات قد تعكر مسار الرحلة..

قلق الطائرات أو الخوف من ركوب الطائرات  أحال لاعبا كبيرا كبيركامب إلى الاعتزال الدولي مبكرا، وجعل الكثيرين يقللون من رحلاتهم الجوية والاكتفاء بالرحلات القصيرة بالسيارة.. فإلى أي حد يحرمنا الخوف من التحدي والمواجهة؟؟؟؟