الأربعاء، 16 يوليو 2014

كتاب تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان


يعدُّ كتاب تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان للشيخ نور الدين السالمي من الكتب الرئيسة التي تناولت التاريخ العماني في مختلف عصوره، والتي يعتمد عليه كثير من الدراسين في مجال التاريخ، ويستقي الكثيرون منه ما يملأ فكرهم عن تاريخ هذا البلد الكبير الممتد في صفحات التاريخ.

لقد جاء الكتاب تخليدا لتاريخ شخصيات ودول أقامت اسمها على هذه الأرض. وإن الكتابة في التاريخ العماني ليست بالأمر السهل لا سيما لقلة المعلومات التي يمكن جمعها مع العلم أن أكثرها ما تناولته الرواية الشفوية لقرون طويلة، ومع ذلك استطاع السالمي أن يجمع الكثير والكثير من هذا التاريخ، وأن يحفظ الكثير من الروايات التي مرت على عمان وأهلها.

منذ فترة والرغبة تحدوني لقراءة هذا الكتاب، وبين فترة وأخرى أجدني أؤجل هذه اللحظة حتى واتتني الفرصة للخلوة به، إنه بحق كتاب ثري يجمع بين دفتيه تاريخا عظيما لا ينبغي إغفاله أو تناسيه.

وأنا أقرأ الكتاب مرَّت علي بعض الخواطر حوله، خواطر تحتاج وقفة ع هذا العمل، وقفة دراسية من الباحثين في مجال التاريخ وعلم التحقيق، ويمكن أن أضع هنا بعض النقاط على عجالة:

1-     الكتاب على أهميته التاريخية إلا إن به الكثير من الأخطاء المطبعية التي لا تليق بسمعة كتاب كتحفة الأعيان (الناشر: مكتبة الإمام نور الدين السالمي)، ويمكن تلافي هذه الأخطاء بمراجعة الكتاب مرة أخرى من قبل القائمين على الدار.

2-     بعض الروايات خاصة في الجزء الأول تحتاج إلى توثيق من الناحية التاريخية، كقصة سيدنا سليمان عليه السلام ومروره بالقصر الذي بسلوت، وقصة صاحب السفينة الذي يأخذ كل سفين غصبا الذي ذكر في القرآن أنه ابن مالك بن فهم، وقصة جماز بن مالك بن فهم أنه صاحب الجنة (اليستان) المذكور في القرآن، كل ذلك يجعل هذا الكتاب بحاجة لدراسة وتحقيق للوقوف على مصادر هذه الروايات وتوثيقها.

3-     كثير من الأعلام في الكتاب غير معروفة تاريخيا وتحتاج لتخريج تراجم خاصة بهم، وفي بعض الأحيان يأخذ السالمي بعض المعلومات عن أحدهم كتاريخ الشيخ خلف بن زياد البحراني الذي أكثر السالمي من أخذ بعض الأحداث عنه. بل إن السالمي يذكر في واحد من المواضع: (في سنة سبع وتسعين وتسعمائة في شهر رجب مات عبدالرحمن بنزوى؟؟)، ثم وضع آخره علامة الاستفهام، فمن عبدالرحمن هذا؟؟

4-     ما يتعلق بما سبق دور المحقق في تخريج الأعلام وتوثيق الحوادث والروايات، حيث علق على الطبعة إبو إسحاق إبراهيم أطفيش الميزابي الجزائري فلا نجد له ذاك الدور في عملية التعليق إلا تخريج آراء السالمي وفق رؤية المحقق أو ما يوافق رؤية السالمي، وإن الكتاب في ذاته يحتاج لعملية تحقيق وتخريج ودراسة وتعليق منهجية.

5-     بعض الحوادث وتواريخ الوفيات تحتاج لذكر التاريخ وذلك راجع ربما كما ذكرنا لقلة المراجع والروايات التاريخية التي تناولت عمان في أغلب تاريخها. ويعلل السالمي ذلك بقوله: (وأهل عمان لا يعتنون بالتاريخ فلذلك غابت عنا أكثر أخبار الأئمة فكيف بأخبار غيرهم).

6-     لم يتطرق الكتاب إلى التراجم الأدبية مثلا كالشعراء إلا في القليل النادر مع إن ارتباطهم بالتاريخ والأئمة والملوك والسلاطين كان كبيرا وذلك مرده إلى أن الروايات التاريخية تنقل التاريخ بمنأى عن الأدب، وفي ذلك يقول الشيخ سالم بن حمود بن شامس السيابي: "الذين يروون التاريخ العماني، يروونه من جانب تاريخي فحسب، ولا يتعرضون للجانب الأدبي."

هذه بعض النقاط التي توقفت عندها لدى قراءتي للكتاب الذي قدّم الكثير لي في أول قراءة له، على أمل العودة له إن سنحت الأيام بذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق