الجمعة، 10 أبريل 2020

كتاب الأيام لطه حسين






أذكرُ هذا الكتاب جيداً، اشتريته صيف 2008م ب13 جنيها ونصف من المعرض الدائم للكتاب بالهيئة المصرية العامة للكتاب، ثم صار حبيس مكتبتي الشخصية إلى هذا العام. صار الكتاب أمامي، أُطلُّ عليه كل يوم، ويُطلُّ عليّ، حتى حان موعد خروجه من الرفّ.

يعد كتاب الأيام لطه حسين (1889-1973) من أهم الكتب في الأدب العربي الحديث، كونه يتناول سيرة شخصية ثقافية لواحد من أهم كُتّاب القرن الماضي. يرصد الكتاب سيرة عميد الأدب العربي في طفولته في أرياف مصر، وفي القاهرة أيام تعلمه في الأزهر والجامعة، وأثناء سفره لفرنسا لاستكمال دراسته. كما يوثّق كتاب الأيام للحياة في مصر بكل صورها الريفية والمدنية ويقيم صراعا بين المؤسسات المختلفة، كما يحيل على مرجعيات ثقافية ينبني على فكر طه حسين الأدبي.

ينقسم الكتاب في مضمونه إلى ثلاثة أقسام:

الأول: الطفولة الأولى التي عليها المؤلف، حياة الأرياف البعيدة عن القاهرة، وكيف كانت طفولته في ظل العمى الذي يحاصره. ينقل لنا طه حسين مظاهر الحياة في الريف، الحياة في البيوت، الكتاتيب، معلم القرآن، الفعاليات والعادات، ويظهر فيها طه حسين يعاني من حالة العمى الذي عليه، وهنا تظهر الإشارة الأولى لتأثره بأبي العلاء المعري.



الثاني: الحياة في القاهرة، والسفر لطلب العلم في الأزهر، وهنا يرصد لنا حياة الأزهر، والمدرسين فيه، ونظام التعليم الذي فيه، مع وصف للقاهرة وبعض شوارعها، والمكان الذي كان يسكنه ويتشارك فيه مع أخيه، كما يذكر انتقاله للتعليم في الجامعة وشغفه بطريقة تدريس الأساتذة فيها.



الثالث: رحلته إلى فرنسا لاستكمال دراسته والصعوبات التي واجهها في سبيل التعليم هناك.



إنّ كتاب الأيام ليس كتاباً في السيرة فقط، بل هو أيضا كتاب توثيقي في للمكان، والشخصيات، لقد صوّر مؤلفه بأسلوب بسيط وسهل، ثقافة المكان في كل جهة تنتقل إليها الأحداث، كما سرد نفسيات الشخصيات وواقعها وسماتها سردا بديعا يجعل القارئ يعيش ذاكرة الإنسان المصري بداية القرن الماضي. ويحيلنا الكتاب على عدد من المرجعيات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي عملت على تشكيل ثقافة طه حسين الأدبية والتي أنتج بها أعماله المختلفة، من هذه المرجعيات، المرجعية الاجتماعية للثقافة الشعبية الريفية، والمرجعية المكانية لمؤسسة الأزهر الذي أمدته بكثير من الاختلاف الفكري، كما أدى اطلاعه على كتب التراث على تشكيل المرجعيات الثقافية والأدبية في نتاجاته المختلفة.



في الأخير: فعلا أنا أحسد طه حسين على ذاكرته القوية التي نقلت أدق التفاصيل في الكتاب نقلا سماعيا رغم السنوات الطويلة بين الأحداث والتأليف.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق