السبت، 26 مارس 2011

عن اليوم العالمي للشعر

 


تَخيَّلُوا الحَياةَ بِدونِ شِعْرٍ، إِنَّها كالسَّماءِ بِدونِ طَائرٍ. الشِّعْرُ لُغَةُ الكَوْنِ، ولسانُ الأُمَمِ والشُّعُوبِ، ومنذُ القِدَمِ كانَ الشَّاعِرُ لسانَ قَبيلتهِ، يُدَافِعُ عنها، ويفتخرُ بمآثرِ عُظَمائِهِ. ولليومِ فلا أحد يعرفُ ماهية هذا الكائنِ الذي يُؤَثِّرُ في النُّفوسِ، ويَهِزُّ الوجدانَ. لقد صارَ الشِّعْرُ الغيمةَ التي تُمْطِرُ في الصَّحراءِ فتُحَوِّلها خضراءَ مزهرةً.

 

نحن نَتَحدَّثُ عنِ الشِّعْرِ وقد أصبحتْ لغتُهُ متفجرةً نابعةً من فَوْضيةِ الإبداعِ ذاته، الابتكارُ سيِّدُ القصيدةِ، والتَّجديدُ رِهانُها الرَّئيسيُ، والنَّاظرُ في تاريخِ القصيدةِ العربيةِ يجدُها متطورةً، حيةً، باعثةً روح الحياةِ في النَّفْسِ الإنسانيةِ، وهي تُفْضي بذلك إلى الخُلُودِ الأبديِّ. لقدْ مَرَّتْ على أديمِ القصيدةِ ركابُ شعراءٍ قَدَّمُوا للقصيدةِ أسراراً، وسارُوا مُحَمَّلينَ بعبقِ الكلمةِ والشعرِ، فَعُرِفُوا بها وعُرِفَتْ بهم. تلاصُقُ الأرواحِ هذا بينَ الاثنينِ كان نتيجةَ لحظةِ عشقٍ يَختلي فيها الشَّاعِرُ بروحه، بقلمه، بصفحته البيضاءِ عندما يتخيَّلُ الحياةَ بحجمِ القلبِ الذي يعشقُ ويُحِبُّ. عندما نذكرُ الشِّعرَ فإننا نذكرُ المتنبيَ وعلاقتُه بالقصيدةِ حين ينشدُ "أنا الطائرُ المحكي والآخرُ الصدى"، نذكرُ أبا العلاءِ المعرّي حين تصبحُ القصيدةَ عصاهُ في الظلمةِ وقد أتى "بما لم تستطعه الأوائلُ"، نردِّدُ خمرياتِ أبي نواس، وبديعياتِ أبي تمام، نطوفُ بالشامِ والأندلسِ والعراقِ ومصرَ والحجازِ بحثاً عن قصيدةٍ ترسمُ ملامحَ الإبداعِ العربيِّ الطويلِ.

 

إِنَّنا نَحْلُمُ كشعراء بأنْ تكونَ القصيدةَ هي المرآةُ التي تنقلُ صورةَ الواقعِ الشعريِّ، صورةَ القصيدةِ ذاتِها، أنْ نحترمَ خصوصيةَ القصيدةِ، وتكوينِها الشِّعريِّ، أنْ نتعاملَ معها بحذرٍ شديدٍ، لنكوِّنَ منها الخطوةَ الأولى على سُلَّمِ الشّعرِ الطَّويلِ. نَحْلُمُ بالقصيدةِ التي تكتبُنا قبلَ أنْ نكتبَها، فعلاقةُ الشاعرِ بالقصيدةِ علاقةٌ وثيقةٌ تكونتْ على مدى تاريخِ البشريةِ الطويلِ، هكذا كانتْ، وهكذا نريدها أن تكونَ، وأن تبقى.

 

خالد علي المعمري
21 مارس 2011م







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق