الخميس، 17 سبتمبر 2009




وَحْدَكَ لا تُسافِرُ مَرَّتَيْن

" كل ضياء العالم يمكن أن تحتويه مقلة "
- لوركـا -


" وَكَأَنَّني أَلقَيْتُ أَسْئلتي بِوادي الصَّمْتِ
إذْ آنَسْتُ بالنَّبْعِ المقدَّسِ عطرَهُ
فَتَّشْتُ عَنْ بَلَدٍ يَحِنُّ إلى الرَّحِيلِ بِلا مَطَرْ
فِإذا بِوجْهِكَ يَسْتَعِيدُ حِكايَةَ الأَسْرارِ
وَحْدَكَ لا تُسافِرُ مَرَّتَيْنْ "
.....
... مِنْ ذلكَ الغَيْمِ المُؤرَّخِ بالرَّحيلِ لقصَّةٍ أَزليّةٍ
أَجَّلْتَ كُلَّ مساحةٍ للنَّبْضِ
حينَ كتبْتَ ألواحَ الخُلُودِ
وكُنْتَ مِفْتاحاً لكُلِّ قَبيلةٍ أَلْغَتْ تَفاصِيلَ الرِّوايةِ
مِنْ حُدُودِ تَقارُبِ الأرواحِ
لا مَنْفى يُعيدُ لنا سُؤالَ الغُرْبةِ الأُولى
ولا أُفُقَ التّآويلِ الذي قَدْ أَلْبَسُوهُ عِمامَةَ الماضي
وجاءُوا يَبْدؤُونَ خِلالَهُ الأسْفارَ نَحْو مَدينَةٍ وَقْتيّةٍ
مِنْ ذلك الوَعْدِ المُهاجِرِ ،
مِنْ تَأَرْجُحِ هذهِ الكَلِماتِ
بَيْنَ الشَّيْءِ واللاشَيْءِ ،
بَيْنَ يَمامَةٍ غَنَّتْ لأَحْلامِ الرَّبيعِ حُرُوفَها ،
ويَمامةٍ نَامَتْ عَلى ضَوْءِ القَمَرْ
عَلَّقْتَ كُلَّ تَميمَةٍ لِلصُّبْحِ
كُلُّ مَسافَةٍ أَهْدَتْكَ دَرْبَ سُفُورِها
كَيْفَ ابْتَدأْتَ الصُّبْحَ ؟!
ذِي صَلَواتُ هذا العُشْبِ مَنْفاها بهذا الظِّلِّ
ذِي أَصْداءُ صَيْفيٍّ يُقامِرُ بالنِّداءِ لِرحْلَةٍ شتويَّةٍ
كَيْفَ ابْتَدأْتَ الحُبَّ ؟!
مَا مِنْ قِبْلَةٍ يرنو لها الرَّملُ الذي يَحْدُوهُ تاريخُ المُسافِرِ
كُنْتَ في أَسْمائِهِمْ ضَوْءاً
فَلا تُدْنِيكَ أَسْئِلَةُ الرُّخامِ مِنَ التَّضارِيسِ المُهَشَّمَةِ الحُرُوفْ
لا تَنْسَ أَنَّ النُّورَ آخِرُ أُغْنِياتِ البَعْثِ ،
آخِرُ أُحْجِياتِ الصَّمْتِ
كُنْ كَالرِّحْلَةِ البَدَويَّةِ الأُولى فَتَكْتبها السُّطُورْ

قُلْ لِلمراكِبِ هَلْ يموتُ حَنينُها ..
لِلزُّرْقَةِ الأُولى ،
لِفَجْرٍ أَبْعَدِ

قُلْ للمقامةِ في سَماءِ عُرُوجِها ..
إِلاكِ
يا عِطْرَ المدى لَمْ يُولَدِ

قُلْ لِلتَّوحُّدِ
هَلْ نَسِيتَ رُكُوعَنا ..
وَبَقِيتَ في إِثْمِ المتاهةِ تَرْتَدي

أَضْواءَ مَنْ مَرُّوا
وَكُنْتَ صَباحَهمْ ..
أَطْيافَ مَنْ رَسَموا انْتهاءً لِلْغَدِ

لَوْ يَنْثُرُ الماضونَ عِطْرَ رَحِيلِهمْ ..
هَلْ كُنْتَ تَأتِي في ابْتهالٍ أَوْحَدِ ؟!

أَوْ كَانتِ الكَلِماتُ تَسْكُنُ شَرْعَنا ..
من سُلَّمِ النَّاياتِ
حَتْماً نَبْتَدِي

هاكَ المسافَة ، فَاسْقِها صَلَواتِنا
عَلِّقْ أَحاديثَ النُّجُومِ ، وَضِحْكةً
كَانَتْ مَساءَاتُ الخُلُودِ تَحِنُّ لِلْمَسْرى البَعيدِ
وَضِحْكَةٍ عَرَبِيَّةِ الإتقانِ
هَلْ سَنَقُولُ إِنَّكَ مِنْ وَراءِ الغَيْمِ تَرْسُمُ حُلْمَنا الْمَنْسِيَّ ؟!
أَمْ سَنُبَعْثِرُ التَّارِيخَ فَوْقَ رَصِيفِ شَارِعِنا المُبَخَّرِ بالهُتافاتِ القَدِيمَةِ ؟!
لا سُؤالَ سَيجْمعُ الرَّحلاتِ
وَزَّعْتُ الغِيابَ لِهذِهِ الأَسْماءِ ،
وَزَّعْتُ الْخَرائِطَ كُلَّها ،
تَارِيخَ أَسْئِلَةٍ مُعَلَّقَةٍ عَلى جُدْرانِ هَذا الصَّمْتِ ،
أَوْراقِيْ ، دَفاتِرَ رِحْلَةٍ .
" وَرِسَالَةُ الغُفْرانِ " ، لِلأَيَّامِ
لِلذَّنْبِ المُوَزَّعِ دَاخِلِيْ ،
لِلْحُبِّ ،
لِلْمَنْفى ،
لَهُمْ ، عَلَّقْتُها
وَكَأَنَّني أَيْقَظْتُ كُلَّ قَطِيعَةٍ جَاءَتْ بِها الرُّكْبانُ
لا تَدَعِ النَّدَى يَمْضِيْ وَحِيداً في اسْتِفاقَةِ صُبْحِنا
كَالرُّوحِ كُنْ في حَضْرَةِ المَوَّالِ
أَنْتَ لِهذِهِ الصَّلَواتِ مِحْرابٌ تَقَدَّسَ سِرُّهُ
فِإِلى أَعَالي النَّبْضِ ، عُدْ
وَعَلى سَلالِمِهِ الأَخيرَةِ
مِنْ أَغَاني اللذَّةِ المَفْقُودَةِ امْنَحْ كُلَّ قَافِيَةٍ تَفاصِيلَ الرُّجُوعِ
هُناكَ كُنْ ..
" لِمَعَرَّةِ النُّعْمانِ " أَلْفُ تَساؤُلٍ
جِلْبابُها الغَجَرِيُّ يَدْفنُ مَا تَبَّقَّى مِنْ حِكاياتِ العُصُورْ
نَادَتْكَ سُنْبُلَةٌ ، فَعَرِّجْ لابْتِهالِ عُرُوجِها
لا حُلْمَ نَمْلِكُهُ .. وَأَنْتَ تَعُودُ في صَمْتِ المَساءِ تِلاوَةً
كُرْسِيُّ عُزْلَتِكَ احْتَوى كُلَّ الطُّقُوسِ الخَالِدَةْ
سجَّادَةُ الأَسْرارِ خَطَّتْ ذِكْرَها في جَبْهَةِ الدَّمْعِ الشَّفِيفْ
مِحْرابُكَ اللَيْلِيُّ عَتَّقَ كُلَّ زَاوِيَةٍ
إِذاً
كُنْتَ انْتِصاراً للحَقِيقَةِ في تَفاسِيرِ البِدايَةِ
كُلَّما هَتَفُوا إِلى الظِّلِّ المُبَعْثَرِ فِيهِمُ
أَوْ كانَتِ الأَسماءُ شَاهِدَةً على سِفْرِ الوُجُودْ
أَشْعَلْتَ نُورَكَ قَاطِفاً وَرْدَ الحِكَايَةِ :

" مِنْ هُنا كانَ انْبِعاثُ الضَّوْءِ تَارِيخاً ،
يُلَوِّنُ قِصَّةَ المَنْفى ،
فَكانَ به الْخُلُودْ ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق