الجمعة، 8 يوليو 2011

تركيــا




في نصف يوم فقط تنقلت بثلاث وسائل مختلفة، في الجو أربع ساعات ونصف، وفي البحر ساعتان إلا ربع، ومثلها بَرَّا. لم تكن تركيا إلا خياراً منطقيا لهذا الصيف، الذي تتصارع فيه الدول مع نفسها ومع غيرها، في وقت تتهيأ فيه تركيا لاستقبال آلاف السائحين لأرضها. الخيار الأول هو تركيا، فبقية الدول الأوربية كان يهددها "بركان أيسلندا الثاني"، والدول العربية لم تنفض عنها بعد غبار التغيّر والتغيير، ودول شرق آسيا جاءت خيارا ثانيا. وأنا أقرأ عن أردوغان وجهوده الكبيرة في الرقي بتركيا، والفرد التركي، وعن مشاريعه المستقبلية الكبيرة التي يخطط لها من أجل النهوض بتركيا اقتصاديا، كان لابد من التعرف على هذا البلد والتخطيط لزيارته في أقرب فرصة.



إنه الصيف إذن، هذا الزائر الذي بدأ يطرق الأبواب والنوافذ هذا العام قبل أوانه، سأقتطع منه أياما قلائل للسفر. سمعت كثيرا عن تركيا ولكن من استمع ليس كمن رأى. أنت في تركيا، في اسطنبول بالتحديد، القسطنطينية سابقا أرض محمد الفاتح، البشارة العظيمة التي بشر بها الرسولُ المسلمين، تركيا العثمانيين. كل شيء هنا في تركيا جميل ورائع، أو هذا على الأقل هو الانطباع الأول لي، فالجو مختلف تماما عما كان في الخليج، ورائحة الأمطار تملأ المكان على غير العادة في مثل هذا التوقيت من العام، الطقس معتدل يميل إلى البرودة، نشرة الأحوال الجوية هذه بعثت داخلي ارتياحا جميلا لهذا المكان.



من المطار في اسطنبول، وبالعَبَّارة إلى مدينة بورصة، كانت الحياة التركية تشغلني، رأيت حركتهم، لغتهم، ابتسامتهم، صمتهم كصمت الجبال التي تحيط بمدنهم. البحر أزرق كعادته، والمسافة تطول ولا تمنحني إلا الرغبة المُلحَّة للوصول. أول يوم أقضيه في مدينة بورصة كان هادئا، وبسيطا بعد رحلة طويلة مع الكراسي، كرسي السيارة إلى مسقط، كراسي مطار مسقط، كرسي الطائرة، كرسي السيارة من المطار إلى المرفأ، كرسي العَبَّارة إلى بورصة، كرسي السيارة إلى الفندق.






 
بورصة مدينة جميلة، أعجبتني الحركة السياحية التي بها، متاحف ومساجد تاريخية، أسواق تقليدية وحديثة، مدن على الطراز العثماني القديم، شلالات وبحيرات، حدائق ومتنزهات، كنت أبصر كل ذلك وأتساءل عن مدى توافر شيء من ذلك على أرضي، فحكومتنا أولت الجانب السياحي اهتماما كبيرا ولكن هل تحقق الشيء الذي يخدم السائح والزائر. رأيت كيف الاهتمام الكبير بجبل أولوداغ وطريقة الوصول إليه بالتلفريك، إنه عمل يخدم السياحة لديهم. أتذكر مرة أنني كنت في رمال الشرقية مع بعض الأصدقاء ووقفنا عند بعض الاستراحات هناك وأراد أحدنا أن يستأجر دراجة، فسأله الشخص الذي يؤجر هل أنت نازل في هذه الاستراحة؟ إذ أن استئجار الدراجات مقتصر على نزلاء الاستراحة، وبقيت الدراجات واقفة مكانها. نحتاج فعلا لعدة عمليات جراحية للوقوف الجدي على مفهوم السياحة.




 

ثلاثة أيام قضيتها في بورصة، ويوم واحد في يالوفا، المشهد جميل ورائع ، والطبيعة تسحر العيون، وكما قال لي ذلك التركي عندما سألني هل هي المرة الأولى التي تزور تركيا؟ فقلت له نعم. فقال بالتأكيد ليست الأخيرة، إذ يبدو واثقا وهو يتحدث بذلك، فكل شيء يحملك على العودة، الطقس الرائع، الطبيعة الساحرة، الأمان الذي ينشده السائح، كل شيء يحملك على العودة. أحببت الطبيعة في بورصة الخضراء كما يصفونها، وأنا الآن في إسطنبول ويبدو أنني سأستمتع بجمالها أيضا. /يتبع



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق