الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

ثقافة القلم .. وثقافة القدم


نحن أمام حدث تاريخي مهم في سلطنة عمان ؛ وذلك حين يلتقي منتخبنا الوطني مع المنتخب البرازيلي الشهر القادم ، وهذا بحد ذاته فرصة للمدمنين على مشاهدة كرة القدم لمتابعة لقاء سامبا العالم وسامبا الخليج ، وفرصة لمحبي نادي برشلونة لمشاهدة لاعبهم " داني ألفيس " على الطبيعة وربما إن أمكن الحصول على توقيعه أو قميصه ، وكذلك محبي ريال مدريد الملكي هي فرصة لمشاهدة لاعبهم الجديد " كاكا " ولاعبهم السابق " روبينهو " وربما التصوير معهما إذا أمكن .

وبعيدا عما يمكن الاستفادة منه من لقاء البرازيل – فنيا - !!!!!!!!! ، وبعيدا عن المليون والنصف التي سيدفعها الاتحاد العماني نظير لقائه بالسامبا ، وبعيدا عن الفوارق الكروية بين لاعبي المنتخبين والتي هي بعيدة بعد السماء عن الأرض ، وبعيدا عن فارق المراكز في التصنيف العالمي ، إلا أن هذا اللقاء فرصة لإثبات اللاعبين لأنفسهم ، والتقديم سمعة جيدة لمنتخب بلادهم والخروج بصورة مشرفة ، وليس الهدف فقط تسجيل مباراة البرازيل في كشوفات الفيفا ، ومن ثم الخروج بشباك ممتلئة كرات لا نستطيع إحصاءها .

البرازيل .. صاحبة ثقافة خاصة في كرة القدم واسألوا : " بيليه " و " زاجالو " و " روماريو " و " رونالدو " وغيرهم من الأجيال التي لعبت كرة القدم ، والبرازيل من الدول الكبرى المصدرة للبن في العالم ، كما تعد ذات اقتصاد قوي حيث تصنف العاشر في قائمة الدول حسب دخلها السنوي ، وليس هذا فقط في تملك سجلا جيدا للثقافة العالمية ، فالموسيقار " فيلا لوبوس " قد ساهم في تطور الموسيقى البرازيلية تطورا كبيرا – هذا ما تقوله محركات البحث عنه - ، ولكن ما أعرفه عن أدباء البرازيل أكثر من الموسيقى فشيخ الكتاب البرازيلييين " جورج أمادو " صاحب رواية " زروبا البرازيلي " والتي ترجمها للعربية الراحل " ممدوح عدوان " يعد من كتاب البرازيل والعالم ، ولا يجب أن ننسى أيضا الروائي والمسرحي " باولو كويليو " صاحب الرواية العالمية الرائعة الخيميائي . فالبرازيل إلى جانب ثقافة القدم التي تمتلكها فهي تمتلك أيضا ثقافة القلم . ولا ضير إذا اجتمعت الثقافتان لتشكل وحدة قومية كبرى ، وهذا ما قرأناه عن " باولو كويليو " حيث أن البرازيل استعانت بكاتبها الكبير ليحمل ملفها في استضافة البرازيل لكأس العالم 2014 ، وهذا بحد ذاته اعتراف بأن ثقافة القلم في البرازيل لها دورها بل وربما تفوق ثقافة القدم التي يعيش عليها أكثر البرازيليين .

الشواهد كثيرة في مجتمعاتنا العربية على إهمال دور القلم وصاحبه ، والتركيز على جوانب أخرى ، ثقافة الأقدام في مجتمعاتنا العربية تفوق أي ثقافة أخرى ، ولكم أن تمروا مدارسنا لتعرفوا طلابنا عمن يتحدثون ، وعن أسماء اللاعبين الذين نسيتهم في غمرة الحياة أو الذين لم أعرفهم أصلا ، هذا خلاف أنك إذا أردت أن تعرف نتيجة مباراة في الدوري الإسباني والتي أقيمت في ساعة متأخرة البارحة فاسأل أحد الطلاب وهو سيجيبك عنها . أو اسأل أي امرأة عن الدوري القطري أو الإماراتي أو السعودي الذي يلعب له لاعبو منتخبنا ، وكم هدفا سجل عماد أو حديد هذا الأسبوع ، ولكن لا تسأل أحدا عن كتاب صدر مؤخرا لكاتب عماني أو مجموعة شعرية . ثقافة القدم هذه ستظهر قريبا تجد المدرجات مكتظة وقيمة التذكرة بين 5 – 10 ريالات ، وكذلك ثقافة القلم أيضا ظهرت مرات ومرات عندما لا نجد من يدخل - مجانا - إلى أمسية أدبية أو ندوة ثقافية .

وكما نفتخر بأبناء بلدنا الرياضيين يجب علينا أيضا أن نفتخر بأدبائنا ، الذين نقلوا شموع فكرهم وسطروها على أديم الورق ، هم الذين يرفعون قيمة ثقافتنا عاليا .. أقصد ثقافة الأقلام وهي التي تبقى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق