الاثنين، 12 أكتوبر 2009

رســائل ( 1 )



عذرا أبا العلاء .. فقد نقضتُ عهدَكَ مرتين .. يوم أن أعلنتُ التوبةَ عن آرائك ومعتقداتك التي كانت لي سكنا .. ويوم وأدتُ الحرية في داخلي وأعلنتُ خضوعي لها !!

كنتَ ترى ما لا يراه سواك .. علمتَ أنه لا علاقة معنوية بين السحاب والأرض سوى أن يضل أحدهما الطريق فيلتقي بالأخر .. أدركتَ جيدا معنى الظلمة فنسجتَ منها نورا لا ينتهي ...


نسينا أن الظلمةَ أطهرُ عاشقِ يمكن أن نختليَ به .. فشددنا رحالنا نبتغي جليساً نمدُّ له ألحانَ مودتنا .. هل العزاء لنا في هذه الغربة .. أم لكّ في مكانتك هناك ؟! حيث الخلود الأبدي .. حيث الأحلام تتطاير معلنة نزهتها في روضات معشبة ...

والآن نمضي نعلن صراحتنا تجاه واقع مرير .. نحاول التمرد على كل جميل .. لكن الطيور الزرقاء قد لا تطير هذه المرة .. ربما الأفق أصبح ملبّداً بما لا تشتهي .. والمغيب تحرسه عنقاء تمتد بين يمينه ويساره .. تكاد تحجب كل نسمة أمل قد تنتهي بانتهاء يومنا المثخن بالجراح ...

أبا العلاء ..
تناسينا أن الصباحَ يتلوهُ مساء .. والمساءُ يتلوهُ صباح .. وبينهما شاطئ يستعدُ للرحيلِ بعد أن حزم حقائبه البربرية .. وأفضى بكل سرٍّ لحبات رملهِ .. هل قيدتكَ الكلمات يا سيدي حتى عشقتَها .. ونسجتَ منها قلادةً خزفيةً لرؤاكَ .. أراكَ الآن تجلس على أنغام قيثارتكَ تردد : " لا فرق بين أنثى جميلة .. وشيطانٍ أعمى " .. أراكَ تخطُّ بتشاؤمكَ الأرضَ فيورق من وطأته كل ما بداخلها .. ولمستَ الوجعَ فانبجستْ منه اثنتا عشرة أمنيةً ..
هناك تنادي عليك كل المراكب التي تغنّتْ بها السبل .. تقترب من عالمك الفقير .. تحاول أن ترتشف من لعناته .. وتغني للفجر في أمسيته الأخيرة .. كيف مُتَّ وأنتَ تجلس بقرب النبع .. كم نحتاجكَ الآن .. نحتاج رهانك على الحياة .. نحتاج شرفة من شرفاتك لتحط عليها أنغامنا الثكلى ...


هل يكفي أن نقول " عذرا " ؟! وعن ماذا تعتذر أقلامنا ؟!
صلواتُ الشعر تدنستْ وأصبحتْ كالأعمى الذي تقوده عصاهُ المتعبة .. والحبُّ ذلك الكائن الخرافي أصبحت الريحُ تذروه في مكان سحيق .. والظلمة تخلت عن سجينها الواقف بين أغصانها ..
.
.
.
فإلى أين نمضي ؟!

هناك تعليقان (2):

  1. مذ أمدٍ قلتُ لكَ:

    لماذا رحلتَ إلى البحر مثلي..

    فمالكَ مذ أول لمسةٍ لك في البحرِ، (تسألُ/تصطرخُ)
    أين (أبي) العلاء؟

    ردحذف
  2. لا لا لا لا يا صاحبي

    هذه الرسائل قديمة نوعا ما


    قبل لا بعد ..

    ردحذف